كتب طارق خوري - اليوم بالنسبة لي هو أهم يوم في حياتيوأعود بذاكرتي لبيت وعائلة وأطفال للوحة على جدار الصالة كتب عليها(الحياة وقفة عز فقط)
كنت صغيرا لم أفهمها ولكني أحببتهاوعلى جدار آخر لوحة كتب عليها:
( إن لم تكونوا أحرارا ومن أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم) كل ما فهمته حينها أنها أقوال لزعيم اسمه انطون سعادة ، زعيم يحبه أبي أكثر منا ربما والصراحة كنت أغار منه وأنا صغير،ولد أبي في هذا اليوم من عام 1931 في مدينة القدس المقدسة رغم أن جذوره من نابلس،
كل عام و أنت أبي ومعلمي ورفيقي و كتفا ألجأ له و صدرا أرتمي به لأعود طفلا لا يشعر بالأمان إلا على هذا الكتف أو هذا الصدر،اليوم يا أبي أعود لعمر عشر سنين عندما كنت تحمّلني مناشير الحزب لأنقلها بين الأردن والشام،والى طفل يتعلم استخدام السلاح لأن أرضه محتلة والى سيارة قديمة ومعلم بجانبي يعلمني كيف أقودها بكل حنان وحزم.
وإلى طفل يذهب مرات ومرات لزيارة معلمي وأبي أي لزيارتك خلف قضبان وفي المخابرات وجريمتك كانت قتال اليهود ومحاربة اليهود ،في كل زيارة لك لسجن كنت أستمد القوة منك من نظرة عينيك وثبات صوتك وكنت أنت من يهدئ من خوفي وقلقي،حينها فهمت معنى (أن الحياة وقفة عز فقط) تلك اللوحة التي حرصت على ان تكون في منزلنا وفي مكان عملك وعملنا
فأنت أصريت أن نذهب للعمل ونحن صغار لأنك كنت تعرف أنك ستغيب دوما في نضالك أو في سجنك فأردت أن نعرف تدبر أمورنا في غيابك،و فهمت معنى ( ان لم تكونوا أحرارا و من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم ) عندما كنت ممنوعا من السفر لسنين طويلة وعندما أصدر الأحتلال الصهيوني أكثر من حكم مؤبد بحقك وجريمتك هي قتال اليهود.
ما أحلى الجريمة عندما تكون من أجل الكرامة والعز من أجل حبيبتك فلسطين فلسطين التي هي الجزء الجنوبي لأمة عشقتها ومستعد حتى هذه اللحظة أن تقدم لها الكثير.
يا أبي ورفيقي ومعلمي أشكر الله أنك أبي وأطلب منه وأرجوه أن يمنحك العمر المديد والصحة والعافية وأرجو الله أن يكمل سامي الصغير طريقك بالوعي والثقافة والنضال وأن يعشق الهلال الخصيب كما تعشقه أنت،كل عام و أنت كبيرنا ورفيقنا ومعلمنا يا أحلى أب بالعالم بنظر أولادك وأحفادك.
طارق سامي خوري