في أواخر القرن التاسع عشر وبعد خسارتهم للحروب غير المتكافئة مع روسيا القيصرية للحفاظ على دينهم وهويتهم قررت بعض العشائر الشيشانية الهجرة فرارا بدينهم ولضمان نشأة أوالدهم في بيئة إسالمية يتقنون
فيها لغة القرآن وعلومه، كانت الوجهة المقصودة ارض الحشد والرباط
قطع الشيشان آالف الكيلومترات في رحلة الهجرة بوسائل نقل بدائية عبر الجبال والسهول والوديان مات فيها من مات تعبا ومرضا وحسرة على فراق االهل وبقي البعض منهم في األراضي التركية والسورية اذ انهكهم الطريق وصل المهاجرون الشيشان إلى األردن عام 3091 واستقرت العشائر الشيشانية فيه فاسسوا القرى التي جذبت إليها اخوتهم من العشائر االردنية ونشأت بينهم اواصر الصداقة وحسن الجوار .استمر الحال هكذا في المنطقة التي كانت تحت الحكم العثماني حتى عام 8191 اذ انتهى الحكم العثماني فبقيت
األردن في حالة من عدم االستقرار لعدم وجود حاكم يتولى أمورها.
نما إلى علم الشيشان خبر انطالق األمير عبد للا بن الحسين (الملك المؤسس) من سوريا إلى األردن بواسطة قطار الخط الحجازي فاستبشروا خيرا بقدوم حاكم من ساللة رسول للا صلى للا عليه وسلم
ليحكمهم ولكن بعد سماعهم بخطة الفرنسيين العتراض القطار لذي يقل األمير لمنعه من الوصول وإقامة
دولة في األردن ليحتلوها انطلقت مجموعة من الفرسان الشيشان بقيادة ابو بكر آسندر واحاطوا بالقطار واضطروا الفرنسيين إلى التراجع ووصل األمير عبد للا بن الحسين إلى االردن وأسس إمارة شرق األردن في 11 نيسان من عام 1291.1 وهكذا بعد ان اختار الشيشان بلدهم عند هجرتهم اختاروا هذه المرة من
يحكمهم فيها من ساللة الرسول صلى للا عليه وسلم.
بتاريخ 52 أيار من عام 6491 استقلت األردن استقالال تاما وصارت المملكة االردنية الهاشمية بقيادة الملك
المؤسس عبد للا األول بن الحسين رحمه للا.
عاش الشيشان في األردن مواطنون يتمتعون بكامل حقوق المواطنة جنبا إلى جنب مع اخوتهم من العشائر األخرى فكانت األردن أكثر دولة احتضنتهم وضمنت حقوقهم في االحتفاظ بلغتهم وثقافتهم الشيشانية دون عوائق ال بل واصل الملك حسين بن طالل رحمه للا نهج جده في تعزيز الهوية الشيشانية من خالل المشاركة في انشطتهم الثقافية وتشجيع اسرته الهاشمية على ذلك حيث أن ابنه األمير هاشم بن الحسين
حفظه للا هو الرئيس الفخري للنادي القوقازي االردني الذي يع ّد اقدم نا ٍد رياضي في األردن.
والى يومنا هذا، يفاخر شيشان جمهوريه الشيشان بشيشان األردن ويبدون اعجابهم واستغرابهم من عدم تخليهم عن هويتهم ولغتهم وثقافتهم بعد مرور أكثر من 120 سنه على الهجرة من ارض أجدادهم بالرغم
من ان كل الذين هاجروا الى دول أخرى فقدوا هويتهم ولغتهم.
تقول كاتبة ومؤرخة في جمهورية الشيشان:
" أبلغ من العمر 69 سنه. ال أزال اذكر الصورة التي كان يحتفظ بها جدي في صدر البيت للجاللة المغفور
له الملك حسين بن طالل ملك األردن. تقديرا وبمحبة للهاشميين لرعايتهم للشيشان وتعيينهم في مناصب
والسماح لهم بالمحافظة على عاداتهم". (مترجم من الشيشانية)
ويقول مساعد مدير اتحاد الكتاب في الشيشان:
" ال يزال إخواننا واخواتنا في المهجر يحافظون على لغتهم. ويعود سبب ذلك للحريات التي منحها لهم ملك البلد. عندما اتحدث مع إخواننا شيشان األردن بلغتنا ال يسعني اال ان ادعو بالتوفيق للهاشميين، احفاد رسولنا
محمد صلى للا عليه وسلم". (مترجم من الشيشانية)
وتقول مدرسة في مدارس العاصمة:
" أهلنا الشيشان، الذين عانوا الكثير من تهجير وحرمان ومن ممارسة دينهم وجدوا الترحيب مع إخوانهم
األردنيين كونهم اخوان في الدين بحق". (مترجم من الشيشانية)
تقديرا من األسرة الهاشمية لهجرة العشائر الشيشانية الى ارض الرباط حبا لدينهم وتفانيهم في خدمة األردن
وقيادته من ساللة رسول للا صلى للا عليه وسلم ي ّسرت لهم الوسائل التي من خاللها تمكنّوا من االحتفاظ
بثقافتهم ولغتهم الشيشانية ما آثار إعجاب قومهم في جمهورية الشيشان والذين مورست عليهم في فترة من
الفترات ضغوطات للتخلي عن لغتهم وثقافتهم.
وتستم ّر المسيرة الهاشمية في رعاية األردنيين من شتى المنابت واألصول بقيادة الملك الهاشمي عبد للا الثاني بن الحسين حفظه للا ومشاركته جميع أبناء األردن في كل نواحي حياتهم تعزيزا لهذه المملكة الحبيبة
إلى قلوبهم.
عبد الحميد باكير
كاتب في جريدة الديموخك / جمهورية الشيشان
http://daymohk-gazet.ru/